05‏/10‏/2008

جميل الاسد

يعتبر جميل الأسد أقل من أخويه شهرة وذلك لأن مواهبه المتواضعة كانت تقصر دائماً دون طموحه السياسي الكبير. نال جميل الأسد على الشهادة الإعدادية من مدرسة بانياس وترك الدراسة وعمل موظفاً في الأمن العام براتب صغير في مركز الأمن العام في شركة نفط العراق في بانياس ثم رئيس بلدية القرداحة و ترك العمل في البلدية وتحول إلى رجل أعمال وضع مفارز مرتبطة به في المرافئ تفرض الرسوم على كل بيان جمركي سواء كان للتصدير او للاستيراد ثم وضع مفرزة في مرفئ طرطوس وفي منافذ الحدود السورية البرية والجوية والبحرية إلى جانب ذلك اشتغل بتهريب الدخان من قبرص إلى سوريا وجنى أموالاً طائلةً كما مارسة مهنة الابتزاز والضغوط على رجال الأعمال بفرض خوات عليهم. وفي عام 1992 فوجئ الجميع بحصول جميل الأسد على شهادة الدكتوراه في المحاماة من موسكو, وافتتح مكتباً للمحاماة في محافظة اللاذقية وأصبح هذا المكتب بمثابة محكمة تحلّ فيها أمور المواطنين مقابل نسب معيّنة من القضايا. كان حافظ الأسد يعتمد بصورة كبيرة على إخوته وأقاربه (من جيله) قبل أن يتوجه الاهتمام إلى الجيل الجديد من أبناء الأسد وغيرهم من المسؤولين في الفترة 1985 - 2000، فبالإضافة إلى الصلاحيات الواسعة التي حصدها رفعت في الشؤون المحلية وقيادة سرايا الدفاع ظهر اسم أحمد علي سليمان الأسد، أحد أشقاء الرئيس، في رئاسة المجلس المحلي بمحافظة اللاذقية، بينما تعينت حماة رفعت الأسد سلمى نجيب عضواً في مجلس الشعب عام 1973، وفي نفس العام انتخب جميل كذلك عضواً في مجلس الشعب كما تم اختياره عضوا في المؤتمر القومي الثاني عشر لمنظمة الحزب الحاكم عام 1975، (14) ولكن اسمه قد برز بصورة واضحة عام 1981 عندما أسس "جمعية المرتضى"، وهي جمعية طائفية تصبو إلى تنصير أبناء السنة (أي دعوتـهم لاعتناق النصيرية) في الجزيرة وبادية حمص وحماة بحجة أن فلاحي هذه المناطق كانوا نصيريين وأجبرتـهم السلطات العثمانية على اعتناق المذهب السني. وقد عملت هذه الجمعية بصورة علنية وعقدت ندوات واحتفالات ومهرجانات في مختلف المناطق السورية، وفتحت مكاتب لها، ورفع يافطات في شوارع دمشق، وأصدرت وثائق وشهادات طائفية لمنتسبيها، بل إنـها قامت بتسليح بعض القبائل البدوية شرقي حماة وحمص وأمدتـهم بسيارات مسلحة من مستودعات سرايا الدفاع. وانتسب إلى هذه الجمعية عدد من المسؤولين النصيريين داخل النظام. واستطاع جميل من خلال جمعيته أن ينشئ شبكة واسعة من الأتباع والمؤيدين، فكانت عشرات الحافلات تنقل مؤيديه إلى اللاذقية من شتى أنحاء القطر السوري. ولكن جميل (الذي أصبح يلقب "قائد المسار" على غرار لقب حافظ: "قائد المسيرة") ارتكب خطأه التاريخي بتأييد رفعت الأسد في محاولته الانقلابية حيث قام عدد كبير من أتباعه بمظاهرة في قصر الضيافة بدمشق تأييداً للحركة الانقلابية. ولذلك فإنه عندما قرر حافظ طرد شقيقه رفعت من سورية وحل سرايا الدفاع أصدر أوامره كذلك بحل "جمعية المرتضى" ومنع جميع أنشطتها. وبتقييد نشاط "جمعية المرتضى" تحول جميل للتجارة على طريقة آل الأسد فأسس مكتباً للاستيراد والتصدير، ويحدثنا محمود صادق بصورة مفصلة عن نشاط جميل التجاري في مدينتي اللاذقية وطرطوس، حيث نظم: "عصابات مسلحة تسهر على حسن سير مصالح رئيسها، وهي عصابات منظمة بطريقة أمنية حديثة، تملك سيارات وسجوناً ومحققين ومنفذين وجهاز استطلاع ومراقبة كامل الانتشار والنمو، بل إن لديها أجهزة اتصال حديثة وأقنية بث خاصة بـها. ويرأس هذه العصابات بصورة ميدانية فواز الأسد، الابن الأكبر لجميل الأسد الذي يروع مدينة اللاذقية بأساليب من الإرهاب والقتل لم تعرف المدينة شبيها لها طيلة هذا القرن. بدأ جميل الأسد عمله باجتماع عقده مع مدراء وأصحاب مكاتب الاستيراد والتصدير في اللاذقية وطرطوس طلب إليهم فيه تسليمه نسبة من دخول مكاتبهم حددها لكل واحد منهم، وهدد بمنعهم من العمل في مرفأي المدينتين إن هم امتنعوا عن تسديد ما يطلبه إليهم. ثم زار مديري المرفأين الحكوميين طالباً إليهما باسم شقيقه رئيس الجمهورية إعطاء مكتبه الأفضلية في معاملات الاستيراد والتصدير. أخيراً استدعى موظفي الجمارك في المرفأين وهددهم إن هم اعترضوا أية بضائع يأمرهم بتمريرها دون رقابة. بعد الكلام جاءت الأفعال، فبدأت عصابات الأستاذ المسلحة عملها وشرعت تختطف هذا وتحقق مع ذاك وتبتز نقود هذا وتنتزع أرض ذاك… الخ، والسلطة تغمض عينيها كأنـها لا ترى شيئاً. في النهاية بدأت عمليات العصابات تتجه نحو العدو الحقيقي للنظام، (اعني الشعب)، فأخذ فواز الأسد يقتحم المقاهي ليطلب إلى روادها الانبطاح تحت طاولاتـهم، ويدخل إلى فندق الميريديان وغيره من الفنادق مطلقاً النار من مسدسه أو معتدياً على الزبائن…". وفي عام 1986 نشرت الصحف قصة فضيحة تتلخص في حصول فواز بن جميل الأسد على موافقة السلطات السورية المختصة لاستيراد كمية كبيرة من الحديد بحجة بناء "جامع المرتضى" في اللاذقية، حيث استورد 4000 طن من الحديد بسعر أربعة آلاف ليرة للطن الواحد ثم باعها بسعر 10.000 ليرة للطن الواحد، بعد أن اعتذر عن عدم تمكنه من بناء الجامع متذرعاً بعدم وجود قطعة أرض مناسبة. وفي ذات العام استلم فواز الأسد وأخوه منذر تجارة الممنوعات من تهريب للدخان والمواد الكهربائية عن طريق البحر من قبرص ولبنان وزوّدوا قوارب التهريب بمدفعيات مضادة للطيران, وقد وقع في عام 1988 اشتباك بين عصابات فواز الأسد والبحرية السورية وأطلق إثرها فواز الأسد النار على طائرات الهليكوبتر التابعة للبحرية السورية وقدمت شكوى بحقة للرئيس حافظ الأسد وطوي الموضوع حينذاك. كما كانت هذه العصابات مسؤولة في تأمين طريق المخدرات الذي يمر من سهل البقاع اللبناني والهرمل الى تركيا فأوروبا. وكان سبب سكوت حافظ الأسد واولاده النسبة من هذه العمليات التي كانت تدفع لصندوق العائلة باسم باسل الأسد حينذاك. وعرف فواز ومنذر الأسد بتشكيل عصابات الشبيحة في الساحل السوري والمكونة من أبناء عمومهم وأقاربهم فأساروا الرعب والخوف في قلوب المواطنين في المنطقة على اختلاف طوائفهم. ففي عام 1992 حاول فواز الأسد اختطاف ابنة ضابط كبير من الطائفة العلوية فتدخل عمه حافظ الأسد لحل الخلاف لتجنب وقوع خلاف داخل الطائفة مما اضطر هذا الضابط الى الهجرة هو وعائلته خوفاً على ابنته من فواز الأسد. ولنا معكم موعد لاحق في حلقة أخرى لسرد المزيد من فساد فواز ومنذر الأسد وما أطولها. وعودة الى جميل الأسد, فنتيجة سيطرته على المرافئ السورية وعلى الحدود البرية, أنشأ مايسمى بشركة الساحل للتخليص الجمركي وأجبر جميع المخلصين الجمركيين على ختم بيانات الاستيراد والتصدير من شركة الساحل مقابل 1500 ليرة سوري عن كل بيان..! وتمتّع جميل بالحماية الشخصية من أخيه الأكبر حافظ الأسد ومن الدولة باعتباره عضواً في مجلس الشعب ولقّب نفسه بالإمام المرتضى وعن طريق وجوده في مجلس الشعب وجمعية المرتضى شارك المواطنين السوريين في محافظة اللاذقية بأموالهم وأرزاقهم فكان بمثابة رئيساً للجمهورية في منطقته. وتزوج جميل الأسد للمرة الثانية من السيدة أمل عزيز نعمان وأنجب منها طفلاً اسماه حيدر, وهنا دبّ الخلاف مع أولاده منذر وفواز فكتب جميع املاكه باسم ولده حيدر. وبعد وفاته دبّ الخلاف الحاد بين الورثة إذ كانت قيمة التركة (الميراث) مايقارب خمسة ميليارات دولار في البنوك في الخارج بالإضافة الى قصور وأراضي في فرنسا ولبنان وسوريا. وقد سمعنا الكثير حول هذا الخلاف إذ دفعت السيدة أمل عزيز نعمان الى اللواء آصف شوكت مئات من الملايين ليحل لها هذا الخلاف. وعلى اثرها جرى إطلاق النار على منذر الأسد في منطقة المزرعة في دمشق وهرب منذر على إثرها الى لبنان واستردته السلطات السورية بمذكرة رسمية وجهت الى الحكومة اللبنانية . ونشرت عدة صحف لبنانية ان ابنة جميل الأسد السيدة فلك أقامت دعوى ضد زوجة أبيها في لبنان تتهمها بسرقة الملايين من الدولارات وبعض القطع الأثرية التي كانت موجودة في منزله في منطقة "عاليه" في لبنان. ونسائل هؤلاء بماذا سيقنعون المواطن السوري العادي الذي يتضور جوعاً وبنفس الوقت يسمع عن الخلافات الدائرة بين منذر جميل الأسد وأرملة أبيه أمل عزيز نعمان على مصير صناديق سبائك الذهب والألماس وملايين الدولارات! أتمنى أن لا نسمع أو نقرأ أن أجندة أمريكية هي وراء حيازة هؤلاء لأموال تخص بالأساس الشعب السوري لا جلاديه؟

ليست هناك تعليقات:

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...